معايير أمريكية مزدوجة في حرب الإنترنت

[right][b]توماس رايت[/b][/right]
[right][b]أثارت عمليات القرصنة التي تعرضت لها الأنظمة الحاسوبية التابعة لصندوق النقد الدولي، ووكالة المخابرات المركزية، وسيتي بانك مخاوف من أن تكون الولايات المتحدة على شفا حرب إلكترونية ليست مستعدة لها بأي حال. ومن أجل التعامل مع هذا التهديد المتنامي، يتعين على استراتيجية إدارة أوباما أن تعامل الهجمات المدمرة التي ترعاها الدول على المواقع الإلكترونية باعتبارها عملاً من أعمال الحرب يمكن أن تؤدي إلى القيام برد عسكري تقليدي. ومما يؤسف له أن هذا النهج له معيار مزدوج غير قابل للاستمرار. فبينما تعامل استراتيجية باراك أوباما قيام جهة أخرى بتدمير مواقع الإنترنت باعتباره عملاً من أعمال الحرب، توحي الأعمال التي تقوم بها إدارته بأن تدمير المواقع الإلكترونية من قبل أمريكا هو عمل سري عادي مساو للتجسس. [/b][/right]
[right][b]هذا المعيار المزدوج يقوض محاولات الولايات المتحدة للتصدى للهجمات التي تتعرض لها المواقع الإلكترونية وتفاقم واحدة من أصعب المشاكل التي لا يمكن تتبع خيوطها، وهي كيفية توجيه المسؤولية عن هجوم من هذا القبيل. ويعتقد على نطاق واسع أن الولايات المتحدة وإسرائيل مسؤولتان عن ابتكار ونشر دودة ستكسنيت الحاسوبية التي تعيث الآن دماراً وخراباً في برنامج إيران النووي. ويبدو أن هذه الدودة ألحقت ضرراً بالغاً بأجهزة الطرد المركزية الإيرانية، وربما كان هذا الضرر يفوق الضرر الذي كان يمكن أن تحققه غارة جوية، وأعادت طموحاتها النووية عدة سنوات إلى الوراء. وبحسب منطق استراتيجية أوباما، فقد كان هذا عملاً حربياً ضد إيران. [/b][/right]
[right][b]ويدل صمت الإدارة فيما يتعلق بدودة ستكسنيت على أن سياسة الأمر الواقع التي تتبعها هي معاملة استخدام الأسلحة الإلكترونية كشكل آخر من العمليات السرية. ويعتبر هذا الخيار مغرياً ومعقولاً؛ لأن من السهل نسبياً إخفاء مصدر الهجوم الإلكتروني. وقد مكنت دودة ستكسنيت الولايات المتحدة من تجنب المسؤولية وربما تكون قد تجنبت حدوث أزمة مع إيران. [/b][/right]
[right][b]وفي حين أن لها عدة فوائد، فإن معاملة عمليات التدمير الإلكترونية التي تقوم بها الولايات المتحدة كعملية سرية سوف تلحق دماراً كبيراً بالاستراتيجية الإلكترونية الجديدة. فالظن بأن الولايات المتحدة تستخدم أسلحة إلكترونية كلما كان ذلك مناسباً لها سوف يعيق محاولاتها للضغط على الدول الأخرى كي تكون شفافة بشأن نواياها. وبشكل خاص، فإن ذلك يرفع الضغط عن الصين التي يعتقد على نطاق واسع أنها الدولة الرئيسة التي تشكل مصدر الهجمات الإلكترونية. وقد يثني الولايات المتحدة أيضاً عن تطوير التكنولوجيا التي تمكنها من تعقب مصدر أي هجوم من هذا القبيل. هناك بديل لذلك. وهو أنه يجب على أمريكا أن ''تبرهن على أنها تعتبر جميع الهجمات الإلكترونية المدمرة، بما فيها الهجمات التي تقوم هي بها، أعمال حرب. فإذا كان البلد طرفاً في استخدام دودة ستكسنيت، ينبغي لأوباما أن يوجه خطاباً للأمة ويبرر قراره، تماماً كما فعل الرؤساء السابقون بعد شن هجمات تقليدية على الأعداء خارج أوقات الحرب. [/b][/right]
[right][b]واستناداً إلى ما نعرفه الآن، كانت لدى الرئيس حجة قوية. فيبدو أن دودة ستكسنيت أصابت هدفها من دون أن تلحق ضرراً بالمدنيين. ويعتبر على نطاق واسع في الغرب أن برنامج إيران النووي يشكل تهديداً للسلام العالمي. ومن بين الخيارات الأخرى، فإن العقوبات المفروضة من قبل الأمم المتحدة لم تكن ناجحة وأن توجيه ضربة عسكرية تقليدية كان يمكن أن يكون له نتائج كارثية. ويمكن لأوباما أن يدعي أن الخيارات الأخرى استنفدت وأن الإنذار المسبق كان يمكن أن يحول دون تحقيق النجاح. إن القانون الدولي المتعارف عليه يعترف بشكل متزايد بأن استخدام القوة لأغراض وقائية قد يكون مطلوباً أحياناً. [/b][/right]
[right][b]إن الحديث علانية عن هذا الأمر يمكن الولايات المتحدة من تكوين تحالف دولي من الأطراف التي لديها الاستعداد لمعرفة وعزل واحتواء الجهات التي تقوم باعتداءات متكررة على الأنظمة الحاسوبية. قد ينطوي ذلك على خطر الرد - لكن إيران تعتقد بالفعل أن الولايات المتحدة وإسرائيل هما المسؤولتان وقد ترد على أي حال إذا كان ذلك من مصلحتها. إن الميزة التكنولوجية التي تتمتع بها أمريكا واعتمادها بالتالي على التكنولوجيا يعني أن لها مصلحة كبيرة في الاحتراس من تعرضها لهجوم إلكتروني. ويجب عليها أن تطور دفاعاً إلكترونياً أقوى وقدرة ذات صدقية على شن هجوم إلكتروني كوسيلة من وسائل الردع. [/b][/right]
[right][b]لكن ينبغي لها أيضاً أن تعالج مشكلة توجيه المسؤولية والتوصل إلى معاهدة عدم اعتداء مع البلدان الأخرى. فلا تستطيع من ناحية أن تعامل عمليات التدمير الإلكتروني التي يقوم بها الآخرون كعمل من أعمال الحرب، وأن تقول بعدئذ إن عملية التدمير الإلكتروني التي تقوم بها الولايات المتحدة هي عمل سري روتيني. يجب عليها أن تبرهن على أن استخدامها للأسلحة الإلكترونية سيكون نادر الحدوث وخاضعاً للقواعد والمعايير نفسها التي يخضع لها استخدام القوة التقليدية. ويجب أن تكون ستكسنيت هي الاستثناء وليس العرف. [/b][/right]
[right][b]عندها يستطيع أوباما أن يمارس ضغطاً دولياً على الصين كي تحذو الحذو نفسه. وكلما طال الانتظار، أصبح التهديد أشد. [/b][/right]
[right][/right]
[right][b]الكاتب مدير الدراسات التنفيذي في مجلس شيكاغو للشؤون الدولية.[/b][/right]